منتديات بستان العارفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات بستان العارفين

منتدى اسلامى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم {اَللَهُ لا إِلَهَ إلا هو اَلحي ُ القَيَوم لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوْمٌ لَّهُ مَا فيِِ السَمَاوَاتِ وَمَا في اَلأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ ِوَمَا خَلْفَهم وَلا َيُحِيطُونَ بشَيءٍ مِنْ علمِهِ إِلاَ بِمَا شَآء وَسعَ كُرْسِيُّهُ السَمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلاَ يَؤُدُه حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَليُّ العَظِيمُ

 

 من أسماء الله الحسنى الجواد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ebrehim
Admin
ebrehim


عدد المساهمات : 1170
تاريخ التسجيل : 18/03/2011

من أسماء الله الحسنى  الجواد    Empty
مُساهمةموضوع: من أسماء الله الحسنى الجواد    من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالثلاثاء أغسطس 07, 2012 10:08 pm

من أسماء الله الحسنى الجواد






بسم الله الرحمن الرحيم




الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .



من أسماء الله الحسنى : الجواد





أيها الإخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم هو اسم ( الجواد ) .



1 – ورودُ اسم ( الجواد ) في السنة النبوية :



وقد ثبت هذا الاسم في السنة الشريفة ، فقد سمّى النبي صلي الله عليه وسلم ربه علي سبيل الإطلاق ( الجواد ) مرادا به العالمية ، ودالاً على كمال الوصفية ، فقد ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنه :

أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :

(( إن الله جل جلاله جواد يحب الجود ، ويحب معالي الأخلاق و يكره سفاسفها )) .

[ أخرجه البيهقي عن ابن عباس ]



2 – نعمةُ الوجود وتسخيرُ الكون من لوازم اسمِ ( الجواد ) :



وبادئ ذي بدء ، الله عز وجل كل هذا الكون منحة منه ، وأنت أيها الإنسان منحك نعمة الإيجاد ، ونعمة الإمداد ، ونعمة الهدى والرشاد ، هذا الكون سخره لك ، لأن الله سبحانه وتعالى عرض الأمانة على المخلوقات في عالم الذر ، قال تعالى :



? إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ?

( سورة الأحزاب الآية : 73 )

ولأن الإنسانَ قَبِل حمل الأمانة ، ولأنه قال : يا رب أنا لها ، استحق أن تُسخّر له السماوات والأرض .





? وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ?

( سورة الجاثية الآية : 13 )

ولا شك أن المُسخَّر له أفضل عند الله من المُسَخَّر ، فأنت أيها الإنسان المخلوق المكرَّم ، لمّا قبِلتَ حمل الأمانة جعلك الله المخلوق المكرَّم .

قال الإمام علي : << رُكِّب الملَك من عقلٍ بلا شهوة ، وركب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان >> .

إذاً : وجودنا على وجه العالم منحة من الله ، هذه المنحة اقتضت أن نُكلف أن نعبده فعلة وجودنا على وجه الأرض أن نعبد الله ، قال تعالي :



? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ? .

( سورة الذاريات ) .

هذه علة وجودنا .

حينما تذهب إلى بلد لتنال الدكتوراه ، وهذا البلد كبير فيه حدائق ، فيه وزارات ، فيه ملاهٍ ، فيه دور سينما ، فيه متاحف ، فيه أسواق ، أنت في هذا البلد لك هدف واحد ، علة وجودك في هذا البلد أن تنال الدكتوراه ، وعلة وجود الإنسان في هذا الأرض أن يعبد الله ، الدليل :

? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ?



كلُّ شيء يقرِّب من الله فهو مشروعٌ :



أيها الإخوة ، ما دامت علة وجودنا أن نعبد الله فأيّ شيء في الكون يقربك من الله مشروع ، وأي شيء في الكون يبعدك عن الله غير مشروع ، هذه حقيقة كبرى .

لو أن الطالب ذهب إلى بلد ليدرس فأيّ شيء يقرّبه من تحقيق هدفه مشروع ، وأي شيء يبعده عن هدفه غير مشروع .

لذلك أيها الإخوة الكرام ، نحن في أمسّ الحاجة إلى فهم هذا المعني الدقيق :

? وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ?

الإنسان هو المخلوق المكرَّم ، فإذا عرف الله ، واستقام على أمره سبق الملائكة المقرَّبين ، وإذا غفل عن الله ، وتفلت من منهجه انحط إلى أسفل سافلين .



الناس صنفان لا ثالث لهما :



هؤلاء البشر أيها الإخوة ، على اختلاف مللهم ، ونحلهم ، وانتمائهم ، وأعرافهم ، وأنسابهم ، ومذاهبهم ، وطوائفهم ، واتجاهاتهم ، وأطيافهم ، هم عند الله رَجُلان لا ثالث لهما : رجل عرف الله فانضبط بمنهجه ، وأحسن إلى خلقه ، فسلم وسعد في الدنيا والآخرة ، ورجل غفل عن الله ، وتفلت من منهجه فشقي ، وهلك في الدنيا والآخرة ، ولا تجد نموذجا ثالثا ، هذا تقسيم رب السماوات والأرض .



? وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ?

( سورة الليل )

هذا النموذج الأول :

? أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ?

صدّق أنه مخلوق للجنة ، فلما صدّق أنه مخلوق للجنة اتقى أن يعصي الله ، فلما اتقى أن يعصي الله بنى حياته على العطاء ، فهذه خصائص ثلاث : صدق بالحسنى ، والحسنى هي الجنة ، واتقى أن يعصي الله ، وبنى حياته على العطاء ، هي خصائص المؤمن ، جعل الآخرة أكبر همه ، وجعلها مبلغ علمه ، وجعلها منتهى آماله ، ومحط رحاله ، فنقلَ اهتماماته كلها إلى الآخرة ، عندئذٍ اتقى أن يعصي الله ، عندئذٍ أراد أن يدفع ثمن الجنة ، وثمن الجنة هو العمل الصالح .



الإنسان يسلَم بالاستقامة و يسعد بالعمل الصالح :



كما هو معلوم أن الإنسان بالاستقامة يسلم ، لكن بالعمل الصالح يسعد .





? إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا ?

( سورة فصلت الآية : 20 )

لكن :





? وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ?

( سورة فصلت )

بالاستقامة يسلم ، وبالعمل الصالح يسعد .

لذلك أيها الإخوة ، إن الله جل جلاله ( جواد ) ، منح الخلائق الوجود ، فأنت موجود ، ووجودك منحة من الله ، لكن هذا الذي لا يفقه حقيقة وجوده إنسان شارد ، لماذا أوجدك ؟ ليسعدك .



? إ لاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ? .

( سورة هود الآية : 119 ) .

خلقهم ليسعدهم ، خلقهم ليرحمهم ، خلقهم ليسلمهم ، خلقهم ليجعل لهم جنتين : جنة في الدنيا وجنة في الآخرة .



3 – لابد من التخلُّقِ بصفة الجود :



إن الله جل جلاله ( جواد ) ، يحب الجود ، ولا أزال أركز على هذه النقطة ، يمكن أن تعبد الله بأن تتخلق بكمال مشتق من كماله ، هو ( جواد ) ، يحب الجود ، يحب العطاء ، فالمؤمن يبني حياته على العطاء .

أيها الإخوة ، دققوا : تقسيمات الأرض لا تنتهي ، دول الشمال ، دول الجنوب ، العرق الآري ، العرق الملوّن ، الأغنياء ، الفقراء ، الأقوياء ، الضعفاء ، الأصحاء ، المرضى ، تقسيمات البشر لا تنتهي ، أما البطولة فأن تعتمد تقسيمات خالق البشر ، خالق البشر عنده مؤمن أو كافر ، مستقيم أو منحرف ، يعطي أو يأخذ ، ينصف أو يجحد ، يصدق أو يكذب ، فإن الله ( جواد ) يحب الجود ، فإذا أردت أن تتقرب إلى الله تخلق بالكمال الإلهي .

لذلك الأنبياء جاؤوا إلى الدنيا فأعطوا ولم يأخذوا ، والأقوياء أخذوا ولم يعطوا .

دقق ، في حياة المؤمن يحب أن يدعو إلى الله ، يحب أن ينفق ماله ، ووقته ، وخبرته ، وجهده ، بنى حياته على العطاء ، بالتعبير المعاصر استراتيجيته العطاء ، يعطي وهو في قمة السعادة ، الأقوياء أخذوا ولم يعطوا ، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، الأقوياء عاش الناس لهم ، الأنبياء عاشوا للناس ، الأنبياء ملَكوا القلوب ، الأقوياء ملكوا الرقاب ـ ودقق ـ الناس جميعاً من دون استثناء تبع لقوي أو نبي ، اسأل نفسك هذا السؤال : أنت لمن ؟ هل أنت تابع للأقوياء ؟ معك صلاحية ؟ تحتل منصبا ؟ قوي ؟ غني ؟ متبحر في العلم ، هذا التبحر يدر عليك دخلاً كبيراً ؟ أنت إذاً تابع للأقوياء .

هل أنت مؤمن ؟ تعطي من وقتك ، من خبرتك ، من جهدك ، من معلوماتك ، فإذا أسعدك أن تعطي فأنت من أهل الآخرة ، وإذا أسعدك أن تأخذ فأنت من أهل الدنيا ، ببساطة بالغة يمكن أن تقيّم نفسك ما إذا كنت من أهل الدنيا أو من أهل الآخرة ، فما الذي يُسعِدك أن تعطي أو أن تأخذ ؟ إن الله ( جواد ) يحب الجود .



ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها :



دقق الآن ، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها .

عَنِ الْمُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا ، قِيلَ وَقَالَ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ )) .

[ متفق عليه ]
هناك إنسان ذو هموم عالية جدا ، وهناك إنسان تافه .



? فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ?

( سورة الكهف )

ما له وزن ، هؤلاء لهم :





? صَغَارٌ عِندَ اللّهِ ?

( سورة الأنعام الآية : 124 )

لا يبالي الله بأي أودية الدنيا هلك الإنسان الشارد ، لأنه غارق في ملذاته ، غارق في سفاسف الأمور ، في أشياء لا تقدم ولا تؤخر ، ما هو الضابط في هذا ؟

حينما تُقبل على شيء فهذا الشيء هل يصل معك إلى القبر ؟ أم يبقى عند شفير القبر ؟ هذا هو الضابط .

هناك إنسان يعتني ببيته عناية بالغة ، لم يرتكب معصية ، لكن هذه العناية البالغة التي امتصت كل وقته ، هل تكون معه في القبر ؟ لا ، لكن العمل الصالح يدخل معه في القبر .



يجب أن تكون الرؤية صحيحة موافقة للشرع :



أيها الإخوة الكرام ، القضية قضية مهمة جداً ، أنا ما الذي ينفعني في المستقبل ؟ عمل صالح ، طاعة لله ، تلاوة للقرآن ، دعوة إلى الله ، تربية للولد ، إعطاء من المال ، ما الذي يدخل معي في القبر ؟ هذه الأعمال .

إنّ الإنسان حينما يأتيه ملك الموت يقول :





? رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ?

( سورة المؤمنون الآية : 100 )

البطولة ألا تندم ، متى لا تندم ؟ إذا عملت لأُخراك ، و متى تندم ؟ إذا عملت لدنياك ، لأن الدنيا تغر وتضر وتمر .





? فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ?

( سورة لقمان )

الدنيا تغر ، كيف ؟ تظنها بحجم أكبر من حجمها ، هذا الحجم الكبير في مقتبل الحياة ، بعد حين تراها بحجم أقلّ من حجمها ، لكنك عند مغادرة الدنيا لا ترى الدنيا شيئاً ، لا ترى إلا الله .

البطولة أن تصح رؤيتك وأنت في مقتبل حياتك حتى يأتي عملك صحيحاً .

(( يحب الله معالي الأخلاق و يكره سفاسفها )) .

دقق : أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ، وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ )) .

[ الترمذي ]
لذلك :

(( إن الله جل جلاله جواد يحب الجود ، ويحب معالي الأخلاق ، و يكره سفاسفها )) .

ورد في الحديث القدسي الصحيح :

(( أن الجن والإنس في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي خيري إلي العباد نازل ، وشرهم إليّ صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي ، وأنا الغني عنهم ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي ، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد ، ومن أعرض منهم عني ناديته من قريب )) .

[ الجامع الصغير عن أبي الدرداء بسند ضعيف ]
وفي الحديث القدسي عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ :

(( يَا عِبَادِي ، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا ، فَلَا تَظَالَمُوا ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ ، يَا عِبَادِي ، كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ، يَا عِبَادِي ، إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ ، يَا عِبَادِي ، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي ، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ، يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي ، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ )) .

[ أخرجه مسلم ]

هذا منهج ، فإنْ جاءت الأمور كما تحب فيجب أن تحمد الله عز وجل ، وإن جاءت على غير ما تحب فلا تلومنّ إلا نفسك .



? وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ? .

( سورة الشورى ) .

الإنسان حينما يفقه حكمة المصيبة ينضبط ، حينما تفهم على الله فتنة المصيبة تكون قد قطعت أربعة أخماس الطريق إلى الله عز وجل .



إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ :



أيها الإخوة ، روي الترمذي في سننه من حديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ )) .

[ الترمذي ]
إذا قدمت صدقة فلتكن من أطيب مالك ، إذا قدمت هدية لتكن من أطيب الهدايا ، لأن ((اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ )) .

هؤلاء الذين ينفقون شيئاً يكرهونه ، ينفقون طعاماً تعافه أنفسهم ، هؤلاء لا يتقربون إلى الله بهذا الشيء :

(( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ )) .



النظافة الأخلاقية في الإسلام :



(( نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ )) .

النظافة من الإيمان ، هناك نظافة جسمية ، ونظافة نفسية ، هناك إنسان صادق ، أمين .

ما أروع ما قاله سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما سأله النجاشي عن الإسلام ، وعن نبي الإسلام ، قال :

(( أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ ، وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُ ، وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصِّيَامِ ... )) .

[ أحمد عن أم سلمة ]
هذه هي الجاهلية الأولي ، قال تعالى :





? وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ?

( سورة الأحزاب الآية : 33 )

نفهم من هذه الآية أن هناك جاهلية ثانية ، هي أمرّ وأدهى ، يوم يؤتمن الخائن ، ويخوَّن الأمين ، يصدَّق الكاذب ، ويكذَّب الصادق ، يضام الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ، موت كقعاص الغنم كما ترون ، لا يدري القاتل لمَ يَقتُل ؟ ولا المقتول فيمَ قُتِل .

(( يوم يكون المطر قيظا ، والولد غيظا ، ويفيض اللئام فيضا ، ويغيض الكرام غيضا )) .

[ رواه ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة ]

هذه الجاهلية الثانية ، الجاهلية الأولى التي قال عنها سيدنا جعفر : (( أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ نَسَبَهُ ، وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُ ، وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالصِّيَامِ ... )) .

ـ دقق ـ إنْ حدثك فهو صادق ، وإن عاملك فهو أمين ، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف ، هذه هي صفات المؤمن ، هذه أركان الاستقامة ، إن عاملك فهو أمين ، إن استثيرت شهوته فهو عفيف ، وتاج ذلك : نعرف نسبه ، فدعانا إلى الله لنعبده ، ونوحده ونخلع ما كان يعبد آبائنا من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء .

هذا هو الإسلام ، الإسلام مجموعة قيم أخلاقية ، أما حينما أقول : بني الإسلام علي خمس ، الخمس شيء ، والإسلام شيء آخر ، بني الإسلام ، الإسلام مجموعة قيم أخلاقية ، الإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان .



? وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ? .

( سورة القلم )



لا تُقبل الشعائر إلا بصحة المعاملات :



ما لم تكن أخلاقك صارخة ، ما لم يكن التواضع ، والحب ، والرحمة ، والصدق ، والأمانة ، والكرم ، والعطاء ، والعفو ، والحلم فلا ترقى إلى مستوى المؤمنين ، أما الصلاة والصيام والحج فهذه عبادات شعائرية ، لكن الأصل العبادة التعاملية ، بل إن العبادة الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادة التعاملية ، لذلك قال بعض العلماء : ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام ، فالصلاة عبادة شعائرية .

عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا )) .

[ ابن ماجه ]

انتهت الصلاة .

الصوم :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ ، وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .

[ أخرجه أحمد و البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة ]

الحج :

(( من حج بمال حرام ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى : أن لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك )) .

[ سلسلة الأحاديث الضعيفة ]

الزكاة :



? قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ ? .

( سورة التوبة ) .

العبادات الشعائرية لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية .

فلذلك :

(( إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ ، فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ ـ ساحات دوركم ـ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ )) .

[ الترمذي ]



مسكُ الختام :



ملخص الملخص : يجب أن تتخلق بكمال مشتق بكمال الله .



? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ?

( سورة الأعراف الآية : 180 )

لا تقِس نفسك بالصلاة ، قس نفسك بالكمال ، هل أنت جواد ؟ هل أنت صادق ؟ هل أنت أمين ؟ هل أنت متواضع ؟ هل أنت محسن ؟ هل أنت منصف ؟ هذا يرفعك عند الله ، إذا ضُمَّ إلى عبادتك الشعائرية نجحت ، وأفلحت ، وفزت .





1 – معنى الجواد :



أيها الإخوة الكرام ، لازلنا في اسم الله ( الجواد ) ، والجواد من الجود ، والجود أن تأتي بالجيد من القول والعمل ، الله عز وجل صاحب الأسماء الحسنى :





? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ?

( سورة الأعراف الآية : 180 )



المؤمن حسَنُ الأخلاق :



بشكل منطقي وحتمي الذي يتصل بصاحب الأسماء الحسنى يجب أن يكون أخلاقيا ، يعني الصفة الصارخة في المؤمن أنه إنسان أخلاقي ، وإن صح التعبير كلمة الإيمان مرتبة ، مرتبة علمية ، ومرتبة أخلاقية ، ومرتبة جمالية ، المؤمن صادق لأنه موصول بالله عز وجل ، يشتق منه الكمال ، المؤمن أخلاقي ، هذا المعنى ورد عند ابن القيم رحمه الله فقال : " الإٍيمان هو الخلق ، فمَن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الإيمان " .

لا تصدق أن يكون المؤمن مؤمناً إن لم يكون أخلاقيا .

فلذلك أيها الإخوة ، الجواد من الجود ، والجود أن تأتي بالقول الحسن والخلق الحسن ، والفعل الحسن ، والجود أيضاً هو الكرم ، فالجواد معطاء سخيّ ، تسخُو نفسه في العطاء ، أريحي يرتاح للعطاء .

هكذا الله عز وجل خلق الخَلقَ ليرحمهم ، قال تعالى :





? إ لاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ?

( سورة هود الآية : 119 )

خلقهم ليرحمهم ، خلقهم ليسعدهم .

إذاً المعنى الأول : الجود من أتى بالجيّد من القول والعمل ، والجود هو الكرم العطاء .



2 – من صفات المؤمن الجود والعطاء :



لذلك الصفة الأولى للمؤمن : أنه يعطي ، يبني حياته على العطاء ، يشعر بالتفوق إذا أعطى ، يشعر بالنجاح إذا أعطى ، وإن أردت مقياساً دقيقاً للمؤمن فالمؤمن يعطي ، وغير المؤمن يأخذ ، واسأل نفسك هذا السؤال الصعب : ما الذي يسعدك أن تعطي أم أن تأخذ ؟ المؤمن يسعده أن يعطي ، يعطي من وقته ، يعطي من ماله ، يعطي من جاهه ، يعطي من خبرته ، لأنه يعلم علم اليقين أنه إذا أعطى فإن الله سبحانه وتعالى سيغمره بالفضل ، هو ذكي جدا ، وفي نظر غير المؤمن يبدو المؤمن ليس ذكيا لأنه يعطي ، والطرف الآخر يأخذ .

لذلك أقول دائما : الأقوياء يأخذون ، الأنبياء يعطون ، والناس جميعاً تبعٌ لقوي أو نبي ، لأنك مؤمن أساس حياتك العطاء ، تعطي بسخاء ، وتعطي بغير حساب ، ولا تسعد إلا إذا أعطيت ، تعطي كل شيء منحك الله إياه ، تبذله للناس ، والله عز وجل عدّ أيّ عطاء من قِبَل المؤمن لأيّ مخلوق قرضًا له ، قال تعالى :





? مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً?

( سورة البقرة الآية : 245 )

والله الذي لا إله إلا هو مِن حِكمِ الله العظمى أنك إذا أعطيت كافأك في الدنيا قبل الآخرة ، يعطيك عطاء يخجلك في الدنيا ، لأنه أكرم الأكرمين .

لذلك ( الجواد ) من الجود ، والجود أن تأتي بالجيد من القول والفعل ، أو الكرم العطاء ، السخاء ، الأريحية ، ورجل جواد أيْ كثير العطاء .



3 – الجودُ بالنفس أقصى غاية الجود :



لكن الجود بالنفس أن تلزم نفسك بالجهاد في سبيل الله ، والجهاد في سبيل الله أقصى غاية الجود ، والجود بالنفس أقصى غاية الجود .

لذلك الحديث عن الشهداء :



? وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ?

( سورة آل عمران )

الشهيد بذل أثمن ما يملك ، بذل حياته .

لكن كتعليق سريع كي تعرفوا خطورة حقوق العباد : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْنَ )) .

[ أخرجه أحمد و مسلم عن ابن عمرو ]

الشهيد بذل حياته لله ، حقوق العباد مبنية على المشاححة ، بينما حقوق الله مبنية على المسامحة .



4 – أعطِ مما أعطاك الله :



أيها الإخوة ، في صحيح البخاري من حديث أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول حينما جاءه رسول إحدى بناته ، برسالة أن ابنها يجود بنفسه ، ينازع سيغادر الحياة ، فقال عليه الصلاة والسلام ، وقد بعث إليها بالرسالة :

(( إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى )) .

[ متفق عليه ]
كلام جامع مانع .

لذلك في بعض الأدعية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ :

(( اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ )) .

[ الترمذي ]
يا رب وفقني أن أجعل هذا الذي منحتني إياه في سبيلك ، وهذا مستنبط من قوله تعالى :



? وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ?

( سورة القصص الآية : 77 )

آتاك علماً فابتغِ به الدار الآخرة ، آتاك فخلقاً فابتغِ به الدار الآخرة ، آتاك فصاحة فابتغِ بفصاحتك الدار الآخرة ، آتاك مالاً ، آتاك جاهاً ، آتاك خبرة ، آتاك وسامة ، أيّ شيء آتاك الله به فابتغِ .

أيها الإخوة ، المؤمن يوظف كل ما أعطاه الله في سبيل الله .

يروى أن رجلا من علماء القلوب سأله رجل عن الزكاة ، فقال : عندنا أم عندكم ؟ قال : سبحان الله ! ما عندنا وما عندكم ؟ قال : عندكم الزكاة ربع العشر ، أما عندنا فالعبد وماله لسيده ، وهذا مأخوذ من قوله تعالى :





? قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ?

( سورة الأنعام )

قمة العقل والذكاء أن تعطي مما أعطاك الله ، لذلك :

(( إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى )) .

(( اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ )) .

كنت تتمنى بيتاً غير هذا البيت ، هذا البيت الذي منحك الله إياه ، كنت تتمنى زوجه غير هذه الزوجة .

(( اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ )) .

إذًا هناك شيء تحبه ، وما سمح لك أن تأخذه ، فالفراغ الناشئ عن انشغالك به هو ليكنْ في سبيل الله .

الإنسان يطمح أن يكون ذا دخل غير محدود ، لكن مشيئة الله ولحكمة بالغة جعله ذا دخل محدود ، فالمال الذي كان يمكن أن يشغله عن الله ، والوقت الناتج عن عدم انشغاله بهذا المال الوفير ليكنْ في سبيل الله ، ليطلب العلم .

إذاً :

(( إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى )) .

(( وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ )) .

(( الإيمان بالقدر يذهب الهم والحزن )) .

[ الجامع الصغير عن أبي هريرة بسند فيه مقال ]

الإيمان بالقدر نظام التوحيد .





? فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ?

( سورة الشعراء )

قال :

(( وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ )) .

[ رواه مسلم عن أُسامة بن زيد رضي اللّه عنه ]

معنى تحتسب أي فلتكتفِ بنصيب الصبر كأجر من الله عز وجل .



5 – من معاني الجود : سهولة البذل والعطاءِ :



من معاني الجود : سهولة البذل ، أحياناً الشحيح تقنعه ، تأتيه بالأدلة ، ترجوه تتوسل إليه أن يساهم بمشروع خيري ، بصعوبة بالغة ، بجهد جهيد ، ثم يعطيك النزر القليل لكن من معاني الجود : سهولة البذل والإنفاق ، وتجنب مالا يحمد من الأخلاق ، ويكون العبادة المتقنة ، ومن ثمرتها الجود .

أنا لا أصدق أن ترى مؤمنا شحيحاً ، لا أصدق أن ترى مؤمناً جباناً ، البخل والجبن يتناقضان مع أخلاق المؤمن ، المؤمن كريم وشجاع ، كريم لأنه يرى المعطي .

(( أنفق بلال ، ولا تخشَ من ذي العرش إقلالا )) .

[ رواه الطبراني ، عن ابن مسعود ]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَالَ لِي :

(( أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ )) .

[ متفق عليه ]
والمؤمن شجاع ، يرى أن له عند الله أجلاً لا يتقدم ولا يتأخر ، وقد قالوا : " كلمة الحق لا تقطع رزقا ، ولا تقرِّب أجلاً " .

أيها الإخوة ، يكون الجود باشتقاق هذا الكمال من الله بالاتصال ـ دققوا في هذا المعنى ـ لا يمكن أن تتصف بالرحيم إلا وأن تشتق منه الرحمة ، لا يمكن أن تتصل بالغني إلا وتشتق منه الغنى ، المؤمن عنده غنى ، عفيف ، لا يتضعضع أمام الغني .



6 – المؤمن عفيف :



ورد في الأثر: " من جلس إلى غني فتضعضع له ، يعني تمسكن أمامه ، ذهب ثلثا دينه .

المؤمن عفيف يؤمن أن الله لا ينساه من فضله ، والله مرة زارني إنسان قدمت له ضيافة قطعة حلوى ، فقطع أول لقمة وقبل أن يضعها في فمه قال : سبحان من قسم لنا هذا ولا ينسى من فضله أحدا ، كلمة ولا ينسى من فضله أحدا .

كن له كما يريد ليكن لك كما تريد ، عبدي أنت تريد وأنا أريد فإذا سلمت لي فيما أريد ، كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لي فيما أريد ، أتعبتك فيما أريد ، ثم ما يكون إلا ما أريد .

(( اعمل لوجه واحد يكفك الوجوه كلها )) .

[ أخرجه ابن عدي ، والديلمي عن أنس ]

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ )) .

[ ابن ماجه ]
يا رب ماذا فَقَد مَن وجدك ؟ لم يفقد شيئا ، وماذا وجد مَن فَقَدك ؟ لم يجد شيئا وإذا كان الله معك فمَن عليك ؟ إذا كان الله معك سخر عدوك لخدمتك ، وإذا كان الله عليك تطاول عليك أقرب ما في الناس .

لذلك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

(( لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا ، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي ، وَقَدْ اتَّخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا )) .

[ متفق عليه ، واللفظ لمسلم ]
الخليل هو الله .

7 – يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ :



يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

(( يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ ـ أي لا ينقصها ـ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ )) .

وفي الحديث القدسي :

(( يَا عِبَادِي ، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ، فَسَأَلُونِي ، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ، يَا عِبَادِي ، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ )) .

[ أخرجه مسلم عن أبي ذر ]

أيها الإخوة الكرام ، يجب أن نؤمن إيماناً قطعيا يقينياً أن الله إذا قنّن على عباده قنّن بالأمطار ، قنّن بالأرزاق فلا يمكن إلا أن يكون تقنين الله عز وجل تقنين تأديب لا تقنين عجز .

لذلك أهل الدنيا يخيفون الضعاف ، هناك أزمة مياه بالعالم ، وأزمة غذاء ، هذا تخويف :





? وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ?

( سورة الحجر )

مرة اطلعت على بحث علمي أنه اكتشف بالفضاء الخارجي سحابة يمكن أن تملأ محيطات الأرض ستين مرة في اليوم بالمياه العذبة ، ثم يقولون لك : حرب مياه ، تقنين الله عز وجل تقنين تأديب ، لا تقنين عجز ، أما نحن حينما لا تكفي الطاقة الكهربائية للاستهلاك في وقت الذروة نقطع الكهرباء ، قطع الإنسان للكهرباء تقنين عجز ، أما إذا قنن الإله فتقنينه تأديب ، وشتان بين التقنينين .

(( يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ )) .



8 – الله حكيم في عطائه عليم بمواضعه :



لكن الشيء الدقيق الدقيق جداً ، أن الله سبحانه وتعالى عليم بموقع جوده ، فقد تجد إنسانا جوادا سخيا ، لكن يعطي عطاء عشوائياً ، من قال له كلمتين يعطيه ، بتحقيق أو من دون تحقيق ، يستحق ، أو لا يستحق ، هذا المال قد يستعين به على معصية ، أو على طاعة لكن ليس عنده معلومات دقيقة ، لكن الله سبحانه وتعالى وهو أحكم الحاكمين ، يأتي عطاءه بحكمة بالغة ، وباستحقاق ، وبحكمة ، وبخيرية .

لكن هذا الشيء يذكرني أن النبي صلى الله عليه وسلم عقب بعض الغزوات استعرض الأسرى ، فقد كانت من بين الأسرى امرأة وقفت وقالت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علي منّ الله عليك ، وخلِّ عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب فإن أبي كان سيد قومه ، يفك العاني ، ويعفو عن الجاني ، ويحفظ الجار ويحمي الديار ويفرج عن المكروب ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ويحمل الكَلَّ ، ويعين على نوائب الدهر ، وما آتاه أحد بحاجة فرده خائباً ، أنا سفانه بنت حاتم الطائي ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام :

(( يا جارية ، هذه صفات المؤمنين حقاً ، ثم قال : ارحموا عزيز قوم ذل وغني افتقر ، وعالم ضاع بين الجهال )) .

هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم :

(( ارحموا عزيز قوم ذل ، وغني افتقر وعالم ضاع بين الجهال )) .

فمنّ النبي عليها ، وأكرمها ، وحملها بما تحتاج ، وأرسلها إلى قومها ، فحينما رأت هذا العطاء وهذا الكرم ، استأذنته بالدعاء ، هنا الشاهد .

[ ذكر هذه القصة ابن هشام في سيرته ، والطبري في تاريخه ]
الله عز وجل كرمه بحكمة بالغة ، في موضوعه ، قالت سفانه : أصاب الله ببرك مواقعه ، ولا جعل الله لك إلى لئيم حاجة .

ورد في بعض الآثار عن سيدنا علي " والله والله مرتين لحفر بئرين بإبرتين مستحيل ! وكنس أرض الحجاز بيوم عاصف بريشتين ، أيضاً مستحيل ! ونقل بحرين ذاخرين بمنخلين أيضاً مستحيل ! وغسل عبدين أسودين حتى يصيرا أبيضين ، قال : أهون عليّ من طلب حاجة من لئيم لوفاء دين " .

سُئل أحدهم : ما الذل ؟ قال : أن تقف بباب اللئيم ثم يردّك ، اللئيم يرد .

ما قال لا قط إلا في تشهده * لولا التشهد كانت لاءه نعم

[ قول الفرزدق يصف به النبي عليه الصلاة والسلام ]

المؤمن يخجل من كلمة ( لا ) ، يبذل كل ما عنده .

لذلك استأذنته بالدعاء ، فقالت هذه المرأة التي منّ النبي عليها ، وأطلق سراحها وأكرمها ، وأرسلها إلى أهلها : أصاب الله ببرك مواقعه ، ولا جعل لك إلى لئيم حاجة ، ولا سلب نعمة عن كريم قوم إلا جعلك سبباً في ردها ، ورجعت إلى أهلها ، والتقت مع أخيها الذي نسيها ، فوقعت أسيرة ، فقالت لأخيها عدي بن حاتم : ائتِ هذا الرجل ، فإني قد رأيت هدياً ، وسمتاً ، ورأياً يغلب أهل الغلبة ، ورأيت فيه خصالاً تعجبني ، رأيته يحب الفقير ويفك الأسير ، ويرحم الصغير ، ويعرف قدر الكبير ، وما رأيت أجود منه ، ولا أكرم منه وإن يكن نبياً فللسابق فضله ، وإن يكن ملكاً فلا تزال في عزّ مُلكه .

الشاهد : أن الإنسان من علامات توفيق الله له أن يضع معروفه عند من يستحقه فقد تكرم إنسانا ، ثم يتنكر لك .

أعلـمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني

وكم علمته نظم القوافي فـلما قال قافية هجاني

***

هذا هو اللئيم ، اللئيم يرد على الإحسان بالإساءة ، لكن الكريم يرد على الكرم بكرم كبير .



9 – من معاني الجواد : الطُّرُق :



إذاً : هو جواد هداك إلى طريقه ، إلى طريق يفضي إليه ، هداك إلى طريق طاعته ، هداك إلى طريق الجنة ، هداك إلى سلامتك ، هداك إلى سعادتك ، هذا معنى : ( الجواد ) ، أرشدك إلى الطريق ، قال يهديهم :

? سُبُلَ السَّلاَمِ ?

( سورة المائدة الآية : 16 )

المؤمن في سلام مع نفسه ، ما عنده اختلال توازن ، ما بنى مجده على أنقاض الآخرين ، ما بنى غناه على إفقارهم ، ما بنى عزه على إذلالهم ، متوازن ، المؤمن في قلبه من الراحة النفسية ما لو وزعت على أهل بلد لكفاهم ، هذا معنى ( الجواد ) ، الله عز وجل قال :



? وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ?

( سورة يونس الآية : 25 )

هذا الذي ترونه في العالم هذا مِن فعل الشيطان ، الله عز وجل يدعو إلى دار السلام ، الحروب ، والقتل ، والاجتياح ، والاعتقال ، والهدم ، هذا من فعل الشيطان ، إن هذا من عمل الشيطان : ? وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ ? .



? وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ? .

( سورة يونس الآية : 25 )





? إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ? .

( سورة هود )

أيها الإخوة الكرام ، من أسماء الله ( الجواد ) ، أن يهديك سبيل الرشاد ، يهديك سبيل السلامة .



رأيُ ابن القيم في معنى الجواد :



ابن القيم رحمه الله ، يرى أن ( الجواد ) ، أي أنه أعطاك الأوامر والنواهي لترقى بفعل الأوامر ، وترقى بترك النواهي ، بيّن لك الحلال والحرام ، لترقى بأخذ الحلال وترك الحرام ، الله عز وجل جواد أرادك أن تكون في جنة عرضها السماوات والأرض .

فلذلك أيها الإخوة :

? وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ?

أي تقترب إليه بكمال مشتق من كماله .





والحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://aslmk.asiafreeforum.com
 
من أسماء الله الحسنى الجواد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» من أسماء الله الحسنى النصير
» من أسماء الله الحسنى الطيّب
» من أسماء الله الحسنى الإله
» مع اسم من أسماء الله الحسنى الشاكر
» من أسماء الله الحسنى الجميل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات بستان العارفين :: المنتديات الاسلاميه :: أسْماءُ الله الحُسْنىَ-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» المصحف الإلكتروني
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:15 am من طرف ebrehim

» الحذيفى
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:01 am من طرف ebrehim

» يحي حوى
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالسبت ديسمبر 29, 2018 8:00 am من طرف ebrehim

» يا رسول الله هلكت
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:05 pm من طرف ebrehim

» رأيت بياض خلخالها
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:04 pm من طرف ebrehim

» أرم فداك أبي وأمي
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» ثلاث من كن فيه فهو منافق
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:02 pm من طرف ebrehim

» آمنت بالله وكذبت البصر
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:01 pm من طرف ebrehim

» إبليس يضع التراب على رأسه
من أسماء الله الحسنى  الجواد    Emptyالإثنين نوفمبر 19, 2018 10:00 pm من طرف ebrehim

المواضيع الأكثر نشاطاً
المصالـح اليهودية
إعجاز آيات القرآن الترتيب المُحكم لأ رقام الآيات
أعداد الجماعات اليهودية وتوزُّعها في العالم حتى الوقت الحاضر
أساليب المشركين في محاربة الدعوة
نحن على ابواب شهر محرم فاكثروا فيه الصيام
[دعاء مؤثر] ياصاحبي فـي شدتي
ذو القرنين شخصية حيرت المفكرين أربعة عشر قرنا و كشف عنها
صور متحركه
شروط لا إله إلا الله
برنامج افاست avast.AV.Pro.5.1.889+الكراك مدى الحياة الخميس ديسمبر 01, 2011 2:27 am

شريط الإعلانات ||

لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ____________(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ..........منتديات الكوثر العالميه
الساعة الأن بتوقيت القاهره)
جميع الحقوق محفوظة لـمنتديات بستان العارفين
 Powered by Aseer Al Domoo3 ®https://orchard.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2011 - 2010

اهلا بك يا
عدد مساهماتك 0 وننتظر المزيد